يعتبر المسلمون القرآن هو كلمة الله ومعجزة بحد ذاتها.[1]، وإن فيه إعجاز أو معجزات، لكن البعض اختلفوا حول ماهية المعجزات حيث يؤمن البعض بشمولية القرآن للعلوم بينما يعده البعض الآخر إعجازا لغوياً لا صلة له بالعلوم ويصنفون فكرة الإعجاز العلمي ضمن العلوم الزائفة.[2]
الإعجاز مشتق من العجز۔
والعجز: الضعف أو عدم القدرة۔
والإعجاز مصدره أعجز: وهو بمعنى الفوت والسبق۔
والمعجزة في اصطلاح العلماء: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة۔
وإعجاز القرآن : يقصد به: إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب اعتقاد المسلمين بعدم قدرة أي شخص على الآتيان بمثله۔
وقد تحدى القرآن المشككين بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، فعجز عن ذلك بلغاء العرب، وأذعنوا لبلاغته وبيانه وشهدوا له بالإعجاز[بحاجة لمصدر]، وما زال التحدي قائما لكل الإنس والجن[بحاجة لمصدر]۔
((أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)). سورة هود آية 13
((قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)). سورة الإسراء آية88
أو حتى بسورة قصيرة مثله فقال: ((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)). سورة يونس آية 38
وبقي ذلك التحدي قائماً، منذ ذلك الوقت ليومنا الحاضر وقد أدرك أصحاب اللغة مقدار قوة الإسلوب القرآني وحلاوته، ولم يدركه إلا من كان مرهف الحس، وهذا الذي حدا بأحد المختصين أن يقول بأن الذي أحس به من ذلك الأسلوب معنى لا يمكن تفسيره، وقد قرر أيو سليمان الخطابي من قبلهِ عدم قدرة العلماء عن ابراز تفاصيل وجوه الاعجاز، فقال: ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى وجوه الاعجاز من جهة البلاغة لكن صعب عليهم تفصيلها، وأصغوا فيه إلى حكم الذوق.
وقال العلامة ابن خلدون: الاعجاز تقصر الإفهام عن ادراكه وإنما يدرك بعض الشيء منهُ من كان له ذوق بمخالطة اللسان العربي وحصول ملكته، فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه.
وكما أن الله أيد أنبياءه ورسله بالآيات المعجزات، فقد أنعم الله على رسوله محمد بمعجزات كثيرة رآها الذين عاصروه، فآمن من آمن وكفر من كفر، وترك محمد المعجزة الخالدة الباقية، كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، القرآن.
وظهرت آيات بينات في إعجاز القرآن من الناحية اللغوية والبلاغية بينها الكثير من علماء اللغة قديما وحديثا وكتبوا المتون وألفوا الأسفار، ولم تزل هذه المعجزة القرآنية باقية تتحدى كل البشر على أن يأتوا بمثله.
وظهرت مؤلفات إسلامية كثيرة في العصر الحالي بينت أوجه الاعجاز من الناحية العلمية وسميت بالإعجاز العلمي للقرآن لكونها تفسر الآيات من الناحية العلمية الحديثة كما يفهمها الناس الآن لكون العلم هو لغة العصر الحالي.
الجدة الدائم
إن كل كلام بشري يبلى إذا تكرر، وبقدر ترديده بقدر ما يبلى، وتسقط مكانته، ولكن القرآن يعرف عنه بجدته الدائمة، التي لا يؤثر فيها ترديد أو تكرار، فكم كرر المسلمون ويكررون سورة الفاتحة وقصار السور كل يوم وكم أعادوا تلاوة القرآن وجميعهم يثبتون أنه لا زال جديداً على ألسنتهم، وهذه علامة إعجازية تخضع للتجربة من كل من يعرف اللغة العربية في أي زمان ومكان، وبث معانيه بكل اللغات، ولو أخذنا ببعض الآراء الحيادية في هذا الموضوع مثل رأي المستشرق المعروف (ليون) حيث قال: ((حسب القرآن جلالة ومجداً أن الأربعة عشر قرناً التي مرت عليهِ لم تستطع أن تخفف ولو بعض الشيء من أسلوبهِ الذي لا يزال غضاً كأن عهده بالوجود أمس)).
[عدل]المصدر من الله
إن أي كلام من كلام البشر إنما يكون انعكاساً لشخصية قائلة، وعلمه ومزاجه ونفسيته، وكل كلام يحمل صفة وروح قائلة، لإنه أثر من آثاره. وقاريء القرآن المتدبر لمعانيه لا بد أن يقع في نفسه شعور بأن هذا القرآن (كلام الله) وإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون كلام بشر، والوجه الإعجازي في هذه المسألة أن للقرآن سراً خاصاً يشعر بهِ كل من يواجه نصوصه ابتداءً قبل أن يبحث عن مواضيع الإعجاز فيها، فسلطان العبارات القرآنية تشعرهُ بمعاني الإعجاز القرآني وراء هذه العبارات والتي يدركها العقل من التعبير، وإن هنالك عنصراً ينسكب من الحس بمجرد الاستماع لهذا القرآن فإن كان غامضاً على بعض الناس الذين لايتقنون اللغة العربية فهم يحسونه ويجعلهم يدركون بإن مصدره هو الله.
[عدل]الكلام الفريد
إن أي كلام من أي إنسان على وجه هذه الأرض يمكن إدماجه بغيره من الكلام فلا يستطيع أحد أن يميز كلامه الذي أدمج فيه؛ لأنه بالأمكان أن يقلد الناس كلام أي أديب أو شاعر، غير أن الوجه الإعجازي هنا إذا أخذنا سورة من القرآن وحاولنا إدماجها في أي كلام لابد أن تتميز وحدها وتظهر على ذلك الكلام، ولهذا قال عنه طه حسين في كتابهِ مرآة الإسلام : (إن القرآن ليس نثراً كما إنهُ ليس بشعر إنما هو قرآن ولا يمكن أن يسمى بغير هذا الاسم)، ليس شعراً وهذا واضح فهو لم يقيد بقيود الشعر، وليس نثراً لأنه مقيد بقيود خاصة به وحده لا توجد في غيره وهي التي يتصل بعضها بأواخر الآيات، بنغمة صوتية خاصة. وقد أدرك ذلك المستشرق الفرنسي الدكتور موريس فقال: (إن القرآن أفضل كتاب أخرجته العناية الألهية لبني البشر، وإنه كتاب لا ريب فيه). وكان مما قاله المستشرق جيمس متشز في مقاله : (لعل القرآن هو أكثر الكتب التي تقرأ في العالم، وهو بكل تأكيد أيسرها حفظاً، وأشدها أثراً في الحياة اليومية لمن يؤمن به).
[عدل]قوة تأثير الإعجاز القرآني
جرب بنفسك اقرأ شيءًا من كلام البشر في موضوع من الموضوعات ثم اقرأ ما تيسر لك من القرآن في نفس الموضوع عندئذٍ تشعر أنه ليس بوعظ ديني ولا إرشاد تربوي يمكن أن يضاهي هذا الكلام، ولقد أدرك هذهِ العلامة الإعجازية في القرآن المستشرقون وقال أحدهم وهو المستشرق(س.ل): (إن أسلوب القرآن جميل وفياض ومن العجب أنه يأسر بأسلوبهِ أذهان المسيحيين، يجذبهم إلى تلاوته سواء في ذلك الذين آمنوا أم لم يؤمنوا به وعارضوه). ويكفي المتأمل ما أحدثه القرآن من تأثير هائل في حياة العرب في الجاهلية حتى جعلهم من رواد العلم والمعرفة وسادوا العالم به.
[عدل]علوم الإعجاز القرآني
التفصيل التأريخي لأحداث الرسل والأنبياء.
لقد أحتوى القرآن على تفصيل تأريخي للأنبياء والمرسلين السابقين وهو التاريخ الذي لم يكن يعرف العرب عنه شيئاً سوى الأحبار والرهبان، وكانوا على خلاف فيما بينهم، أما أمة العرب فقد كانوا أميين لايعلمون شيئا عنه، فلما جاءهم النبي محمد بتاريخ الرسل والأنبياء مفصلاً، أعترف به الرهبان والأحبار وصدقوه فيما روى عن ربهِ واضحاً جلياً، وخرجوا من دين كانوا علماءه وتبعوا محمداً.
((تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ))، سورة هود آية 49.
الكشف عما يدور في صدور الناس وخاصة المنافقين.
وحصل هذا في عدة مناسبات في عهد النبي محمد، ومنها حيث كان اليهود يبشرون بظهور نبي قرب زمانه يخرج من بلاد العرب، وكانوا يتهددون العرب بأتهم سيتبعونه ويقتلونهم معه قتل عاد وإرم. فلما ظهر محمد، وأقام في المدينة كان العرب المؤمنون يلقون اليهود ويذكرونهم بما كانوا يقولون من بشارات فيعترفون ويعلنون إيمانهم ثم إذا خلا بعضهم ببعض أنكر بعضهم على بعض الأعتراف بما يعلمون من أمر النبي محمد، لأن ذلك سيجعل العرب شاهدين عليهم يوم القيامة وظنا منهم إن الحساب سيكون على الشهادة فقط. فاخبر القرآن حاكياً حالهم وكشف قولهم الذي قالوه سراً بينهم، فما كذبوا ما قاله ودخل منهم جماعة في الإسلام. ((وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)) سورة البقرة آية 76-77.
الأخبار عن غيوب ومسائل تكون في المستقبل القريب والبعيد.
كما أخبر القرآن عن أحداث ستكون في المستقبل وفي عهد النبي محمد، وبعده، فجاء مرور الأيام تفسيراً لما أنبأنا به ومن أمثلة هذا: الأخبار بأن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين أي أقل من عشر سنوات، بعد أن فرح الوثنيين الكفار في مكة بانتصار الفرس على الروم، وتأهبوا على كذب ما وعد الله في كتابه فما مرت السبع سنوات إلا وتحقق ما وعد الله: ((الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. ِفي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. ِفي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) سورة الروم الآيات 1-5. وقد عرف العصر الحديث أن منطقة البحر الميت هي أكثر الأراضي انخفاضًا في العالم : ((في أدنى الأرض وهم من بعد غلَبهم سيغلبون)) وقد جرت المعركة الأولى بين الفرس والروم في منطقة البحر الميت
الأخبار عن العلوم الحديثة وعن حقائق بشكل يلفت النظر لا شك فيه.
وهو الإعجاز العلمي الذي لايمكن أن نبينه سوى قولنا إنه إخبار سابق للمحدثات العلمية في عصرنا ومن ذلك قوله:
((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. َيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ)) سورة الرحمن آية 19-20. وقد اكتشف الباحثون [1] أن مياه البحار لا تمتزج مع بعضها البعض، بل لقد وجدوا أن مياه البحر الأبيض المتوسط لا تمتزج بمياه المحيط الأطلنطي عند جبل طارق. فهناك التقاء وبينهما حاجز، ((أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) سورة النمل آية 61. وللمزيد من هذه الأمثلة العلمية التي لا يسع المقام ذكرها هنا نرجو مراجعة كتاب توحيد الخالق للشيخ عبد المجيد الزنداني.
[2]
[عدل]السبق العلمي
كلمة السبق العلمي تطلق كما تطلق كلمة السبق الصحفي، فالقرآن ليس كتاب فيزياء فلكية ولا علوم كيمياء أو طب أو زراعة، أو غيرها من علوم الاستخلاف الأرضي التي فوضها الله إلى الإنسان، الذي جعله خليفة في الأرض، حسب قول القرآن. ولقد حث القرآن على طلب العلم والدراسة: ((اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم)) سورة العلق الآيات 3-5.
إذن ليس القرآن كتابا علميا بحتًا لهذه العلوم يجب أن نجد فيه كل ما نشاء من الحقائق العلمية في شتى الميادين كما يتصور، بل هو كتاب هداية وتعريف لهوية الإنسان، فالتعريف لماذا خلق الإنسان وما هو دور الإنسان في هذه الحضارة، وما سيكون حاله وما ينتهي إليه وما ينتظره بعد موته. فهو كتاب علمي للسلوك البشري والأخلاق والمعاملات : ((إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)) سورة الإسراء آية 9.
أما جانب السبق العلمي ففي قوله
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) سورة فصلت آية 53. ولقد أصطلح العلماء على تسمية هذا السبق العلمي بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
[عدل]الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
معنى الإعجاز العلمي : ـ الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول محمد مما يظهر صدقه فيما أخبر به عن ربه الله، وفق أصطلاح الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
ـ الإعجاز العلمي للقرآن يُقصد به سبقه بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن بحسب تعريف الدكتور زغلول النجار.
ولقد تحقق الوعد وكان مما تحقق في عصرنا هذا عصر العلوم الكونية أنه كلما تقدمت الكشوف العلمية في ميدان من الميادين كشف القرآن للناس عن السبق العلمي له، وكشف عن معنى من المعاني التي كانت مبهمة، فهو ليس من رجل أمي لأنه يتوجب عليه أن يحيط بكل هذه العلوم الكونية البحتة، ومن الآيات الصريحة:
انفصال الأرض في علم الفلك.
لقد ثبت عند علماء الفلك حقيقة علمية أن الأرض أنفصلت عما في السماء، وأختلف العلماء في طبيعة هذا الأنفصال فهناك من يقول إنها أنفصلت عن الشمس وآخرين لهم نظرية تقول بإنها أنفصلت عن نجم آخر، وإذا كان يصعب على الإنسان تصور هذا فإن البدوي في الصحراء أكثر الناس سخرية من هذا القول، غير إن هذه الحقيقة الكونية [3] قد أجراها الله على لسان رجل أمي هو محمد، لا يعرف شيئا من علوم الفلك قبل أربعة عشر قرنا من الزمان فيما أوحي إليه من القرآن، حيث قال: ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)) سورة الأنبياء آية 30.
الماء والحياة.
ولقد تضمنت الاية أعلاه حقيقة علمية [4] أخرى لا تحتاج إلى توضيح وهي أن سائل الماء شيء مهم وأساسي لوجود الحياة على كوكب الأرض، ولا يوجد حاليا سائل في الأرض يصلح أن يكون وسطا صالحا للتفاعلات الحيوية في جسم الأحياء غير الماء، ولقد اكتشف أحد الباحثين إن بعض الأحياء المجهرية كالبكتريا تستطيع العيش بدون هواء لفترة زمنية ولكنها لا تستطيع الأستغناء عن الماء مطلقا كما تشير الآية إلى ذلك من قبل أن يعرف البشر هذا من قبل، وإن كانت الآية تشير إلى حقيقتان علميتان فما أحرى أن يكون الخطاب موجها للكفار دون غيرهم لعلهم يؤمنون.
الفرث والدم في علم التشريح للأنسجة.[5]
بعد تقدم العلم وأكتشاف كيفية تكون اللبن في الأنعام، ووجد الباحثين أن الأنزيمات الهاضمة تحول الطعام إلى فرث يسير في الأمعاء الدقيقة حيث تمتص العروق الدموية (الخملات) المواد الغذائية الذائبة من بين الفرث فيسري الغذاء في الدم، حتى يصل إلى الغدد اللبنية وهناك تمتص الغدد اللبنية المواد اللبنية التي سيكون منها اللبن من بين الدم فيتكون اللبن، الذي أخرج من بين فرث أولا، ومن بين دم ثانيا، وذلك نص صريح تنطق به الآية في القرآن: ((وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ)) سورة النحل آية 66.
انخفاض نسبة الأوكسجين في الهواء عند الصعود إلى الأعلى نحو السماء.[6]
بعد تمكن الإنسان من بلوغ السماء بالطيران بوسائل النقل الحديثة عرف أنه كلما أرتفع إلى الأعلى في الجو قل الأوكسجين والضغط الجوي، مما يسبب ضيقا شديدا في الصدور وعملية التنفس، وذلك عين ما تنطق به الآية قبل طيران الإنسان بثلاثة عشر قرنا من الزمان كما ورد في القرآن: ((فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء)) سورة الأنعام آية 125. والحرج شدة الضيق، والآية تبين أنه من عمل ما يستحق به أن يعاقبه الله بإضلاله. فمثل حاله عند سماعه الموعظة وما يتصل بها من الإيمان بالإسلام،وما يصيبه من ضيق شديد كمثل الذي يتصعد في السماء، فما أدرى الرجل الأمي بهذه الحقيقة التي لا يعرفها إلا من صعد للسماء، فهذا إعجاز علمي لا ريب فيه.
الظلمات المتعددة في أعماق البحار السحيقة والأمواج التي تغشاها.
كشفت العلوم الحديثة إن في قاع البحار العميقة الكثيرة الماء (البحر اللجي) ظلمات شديدة، حتى إن المخلوقات الحية تعيش في هذه الظلمات بلا أدوات بصرية وإنما تعيش مستخدمة حواسها الأخرى كالسمع، ولا توجد هذه الظلمات الحالكة في ماء البحر الذي يحيط بالجزيرة العربية وإنما اكتشفوها في المحيطات البعيدة عنها ذات الماء الكثير (البحر اللجي)، كما اكتشف العلماء [7] موجا بحريا داخليا يغشى البحر وهو أطول وأعرض من الموج السطحي وتم كشفه كذلك بواسطة الأقمار الصناعية، والآية القرآنية تقول
(َأوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)) سورة النور آية 40. فتكونت هذه الظلمات نتيجة البحر العميق اللجي أولا، ثم الموج الداخلي الذي يعكس أشعة ضوء الشمس فلا يسمح لها بالنفاذ إلى الأسفل ثانيا، والموج السطحي ثالثا الذي يعكس جزءا من الأشعة، والسحاب الذي يحجب كثيرا من أشعة الشمس فلا يسمح لها بالنفاذ إلى الأسفل رابعا، فهي ظلمات بعضها فوق بعض وأسبابها المنشئة لها بعضها فوق بعض.
الموج البحري ومن فوقه موج آخر.
مسألة أخرى تبينها هذه الآية وهي الموج البحري الذي كان الناس جميعا لا يعرفون سوى موج واحد في البحار، فالآية أعلاه تقول هنالك موجا آخر في أعماق البحار، واكتشف الغواصون [8] في بداية القرن العشرين حقيقة كانت مخبوءة في أعماق البحار تلك الحقيقة التي تبين موجا آخر يقذف بالغائصين فيه كما يقذف بالسابحين عليه، واكتشف هذا الموج الغواصين الأسكندنافيين، فمن أين لمحمد علما بالبحار سوى إن هذا القرآن معجزة علمية.
طبيعة الجبال كالأوتاد في علم الجيلوجيا.
الوتد يغرس في الرمل لتثبيت الخيمة، وهكذا الجبال فقد أخترقت بامتداداتها الطبقة اللزجة التي تقع في أسفل الطبقة الصخرية التي تكون القارات، فأصبحت بالنسبة للقارات كالوتد للخيمة، فالوتد يثبت الخيمة بالجزء الذي يغرس في الصحراء وهكذا الجبال تثبت القارات بالجزء المغروس منها في الطبقة اللزجة التي تقع تحت الطبقة الصخرية التي تتكون منها القارات. ولقد تأكد للعلماء هذه الحقيقة العلمية في علوم الأرض عام 1965م،[9] وعلموا أنه لولا خلقت الجبال هكذا كالأوتاد لطافت القارات، ومادت الأرض وأضطربت من تحت أقدامنا، فالقرآن يذكرنا بهذه الحقيقة بقوله: ((َوأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ)) سورة النحل آية 15.
الفساد في البيئة [10].
ظهور الفساد الذي يشمل البر والبحر، وقد عبّر القرآن عن ذلك بقوله : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، سورة الروم آية 41، ووصفها بالماضي لأن القرآن لا ينطق إلا بالحق فالمستقبل بالنسبة لله هو حقيقة واقعة لا مفر منها وكأنها وقعت في الماضي وأنتهى الأمر، ولذلك جاء التعبير عن هذه الحقيقة العلمية بالفعل الماضي. وكذلك تحدثت الآية عن المسؤول عن هذا الفساد البيئي وحددّت الفاعل وهو الإنسان، وتحدثت عن إمكانية الرجوع إلى العقل والمنطق وإلى العمل على إعادة التوازن للأرض.
سرعة الضوء.
أثبت القرآن حقيقة سرعة الضوء وهي نفسها سرعة كل أشكال الطيف.[11] (يُدَبّرُ الأمْرَ مِنَ السّمَآءِ إِلَى الأرْضِ ثُمّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ. ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ)
علم النباتات.
لقد كان معلوما للناس قديما إن الذكورة والأنوثة لا توجد إلا في الأنسان والحيوان، أما في النباتات فلم يدروا الناس حقيقة هذا الأمر إلا في الوقت الراهن بعلم النبات، [12] وتقدم علم التشريح للنبات وقد ذكر القرآن ذلك : ((سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)) سورة يس آية 36. كما كان الناس قديما يجهلون حقيقة النباتات وتكوينها وكشفت العلوم الحديثة إن النباتات تتكون من مواد أساسية واحدة هي
كربون، وهيدروجين، ونتروجين، وكبريت أو فسفور) وبعض المواد الضئيلة الأخرى، غير إن سبب أختلاف نسبة التراكيب الكيمياوية في النبات يرجع إلى أختلاف أوزان النبات في كل منها، وإن جذر كل نبات لا يمتص من المواد في الأرض إلا بمقادير موزونة محددة، وبهذا تكلم القرآن لنا عن هذه الحقيقة العلمية: ((والأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ)) سورة الحجر آية 19.
التراكب في الحب والثمار في النباتات والصبغة الخضراء.
جهل الناس عموما كيف يتكون الحب والثمار في النبتة، كما جهلوا كيف تتكون أجزاء النبات المختلفة، وأخذ العلماء يدرسون علم النبات وكيف يكون النبات حبوبه وثماره لعلنا نقدر على محاكاة هذه الحقيقة الغائبة عن تصورنا، ثم اكتشف علماء النباتات التمثيل الضوئي أو (التمثيل الكلوروفيلي)، حيث وجدوا أن في النبات مصانع خضراء صغيرة (بلاستيدات خضراء)، هي التي تعطي النبات لونه الأخضر ومنها تخرج المواد الغذائية التي تتكون منها الحبوب والثمار، وسائر أجزاءه.[13] وبعد سقيه بالماء يخرج النبات من البذور في الأرض وهذه المصانع الخضراء هي أول من يخرج من الحبة عند بدء نموها، وكما قالت الآية في القرآن: ((وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) سورة الأنعام آية 99. فالآية أشارت لحقيقة المادة الخضراء بأنه يخرج منها الحبوب والثمار متراكبة فالحديث هنا عن الصبغة الخضراء المعروفة بالكلوروفيل لا عن النبات.
مواقع النجوم في الفيزياء الفلكية وهي ليست كما يراها البدوي في الصحراء.[14]
إن الناظر للسماء يظن النجوم قريبة، غير أن التقدم العلمي في علوم الفيزياء الفلكية جاء ليبين لنا إن الأبعاد فيما بين النجوم ومواقعها كبيرة جدا لا يتخيلها أو يتصورها عقل بشر، وهذه النجوم قد خرج منها ضوءها قبل فترة طويلة فمنها ما يبعد سنوات ضوئية. عن الأرض ومنها ما يبعد عدة ملايين من السنين الضوئية. ومانرى في الحقيقة سوى مواقعها التي غادرتها في غابر الأزمان، وهذه الحقيقة بقيت مجهولة حتى مطلع القرن العشرين، حيث بينت المراصد الفلكية بعد المسافة إلى هذه الأجرام السماوية وكوننا لا نرى سوى مواقعها التي غادرتها وهذه النجوم تنطلق في الفضاء بسرعة كبيرة لا يعلم مداها وهي تضيء وينطلق ضوءها من حولها، وهي كما قالت الآية: ((فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم)) سورة الواقعة آية 75- 76.
البرد من فوق كالجبال في السحب الركامية.[15]
ومن مزايا السحب الركامية أنها تمتد رأسيا إلى علو خمسة عشر كيلومترا أو أكثر، وبذلك تظهر لمن ينظر إليها عن بعد كالجبال الشاهقة. وتتيح فرصة النمو في الإتجاه الرأسي نشوء السحب الركامية عبر طبقات من الجو تختلف درجاتها الحرارية أختلافا بينا، فتنشأ بذلك الدوامات الرأسية وتتولد حبيبات البرد، ولهذا فإن السحاب الركامي هو وحده قادر على توليد حبيبات البرد الثلجية وهذه حقيقة علمية بحد ذاتها تفسرها الآية
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَأباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)، سورة النور آية 43. وهكذا يقرر الجزء الأول من الآية مراحل تكون السحب الركامية الممطرة بالرغم من إن الإنسان لم يتوصل لهذه الحقيقة إلا في الماضي القريب، وعندما أستخدم العلماء الرادار في أعقاب الحرب العالمية الثانية تبين لهم أن السحب إنما تبدأ على هيئة عدة خلايا أو وحدات من السحب التي تثيرها تيارات الهواء فتتوحد وتكون السحب الركامية، ثم يخصصها بالنمو الرأسي حتى تصير كالجبال فعندئذ تجود دون غيرها من السحب بالبرد، وليس من اللازم أن يتساقط البرد من السحابة بمجرد تكونه، إذ ربما يحول التيار الهوائي الصاعد دون نزوله في مكان معين حتى إذا ما ضعف هذا التيار هوى البرد على هيئة ركام لا هوادة فيه، وكأنما أنفجرت السحابة وهذا يفسر لنا المراد بقوله: (فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ).
السدم وتكونها في الفلك خارج المجرة.[16]
التوسع والتمدد الكوني [17].
حقيقة اتساع الكون، ويظهر ذلك في القرآن: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، سورة الذاريات، آية 47. وفي هذه الآية معجزتان علميتان، فقد تحدثت الآية عن حقيقة الكون: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا)، وقد ثبُت أن الكون منظم، وأن في الكون هندسة مبهرة فالكون يحوي أعمدة من السدم، ويحوي جسوراً من المجرات، ويحوي كذلك خيوطاً عظمى كل خيط يتألف من آلاف المجرات ويمتد لمئات البلايين من السنوات الضوئية.
القوى الجاذبية بين النجوم والكواكب.
(اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَأوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)﴾ سورة الرعد الآية 2. وتشير الدراسات الكونية إلى وجود قوى مستترة, في اللبنات الأولية للمادة, تحكم بناء الكون، وتمسك بأطرافه، ومن القوى التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور, يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمى واحدة، تسري في مختلف جنبات الكون؛ لتربطه برباط وثيق، وإلا لانفرط عقده، وهذه القوى هي: (1) القوة النووية الشديدة. (2) القوة النووية الضعيفة. (3) القوة الكهربائية المغناطيسية( الكهرومغناطيسية). (4) قوة الجاذبية.
وهذه القوى الأربع هي الدعائم الخفية، التي يقوم عليها بناء الكون, وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة.
وتعتبر قوة الجاذبية على المدى القصير أضعف القوى المعروفة لنا, وتساوي
10- 39) من القوة النووية الشديدة, ولكن على المدى الطويل تصبح القوة العظمى في الكون, نظرًا لطبيعتها التراكمية، فتمسك بكافة أجرام السماء, وبمختلف تجمعاتها. ولولا هذا الرباط الحاكم، الذي أودعه الله في الأرض، وفي أجرام السماء ما كانت الأرض، ولا كانت السماء. ولو زال هذا الرباط، لانفرط عقد الكون، وانهارت مكوناته [18].
حقيقة الثقوب السوداء.[19]
أرتفاع السماء [20].
دحي الأرض [21].
ومعنى دحاها أي بسطها لتكون صالحة للإنسان والنبات، ومن معاني الأدحية البيضة، ومن معاني دحا: دحرج. ويظهر إن الأرض عند أنفصالها أخذت تدور وتتدحرج في مسارها ولا تزال تتدحرج وتتقلب وهي تجري في فلكها، فهل هناك تفسير أوضح لهذه الحقيقة العلمية من غير كلمة دحاها؟
مراحل وأشكال القمر والتنقل في منازل معلومة والتفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر حسب ما جاءنا في العلم الحديث. (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) سورة يس آية 39.
حيث تقرر هذه الآية الحقيقة في سبب تغيير شكل القمر في كل شهر وهو تنقله في منازل (مواقع) معلومة حتى يعود هلالا كما بدأ والعرجون تعبير عن شكل الهلال المقوس. (وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا) سورة نوح آية 16. حيث نجد في هذه الآية التفريق بين ضوء القمر والشمس، وهكذا جميع آيات القرآن تصف الشمس بالسراج المنير الوهاج المضيء، بينما تصف الآيات القرآنية القمر بالنور، فالفرق واضح في التعبير ويدل على حقيقة علمية واضحة وهي أن التقدم العلمي أثبت أن ضوء الشمس من ذاتها ينبع فهي كالسراج المشتعل، بينما القمر فليس ضوؤه إلا انعكاسا من الشمس فليس من ذاته ولقد انار بنور الشمس.
جريان الشمس حول المجرة [22].
خلق السماء [23].
الإعجاز العلمي لآيات الحديد، حيث بينت الآية 25 من سورة الحديد حقائق كثيرة منها انزال الحديد من السماء عن طريق النيازك الساقطة على الأرض وفي الكتاب تفصيل آخر.
علم الأجنة والولادة والظلمات الثلاث التي يحيط بها الجنين [24].
الحكمة من تحريم لحم الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير.
لقد حرم القرآن لحم الخنزير، ونفذها المتدينون امتثالاً لأمر الله الخالق للبشر، وطاعة له دون أن يناقشوا العلة من التحريم، وقد وجد العلماء في عصرنا الحاضر من الأدلة العلمية على وجود الأمراض في لحوم الخنازير ما يكفي ليوصوا بترك تناوله أو الإقلال منه حسب الأمراض التي وجدوها فيه، ويتساؤل البعض لم لا تربى الخنازير تربية صحية نظيفة ؟ ولم لا تتخذ الوسائل لاكتشاف اللحوم المصابة وإتلافها؟ وإذا كان ذلك ممكناً في مكان وظروف معينين فهل يمكن تحقيقه في كل الظروف ؟ أوليس الأولى عدم المخاطرة وتجنب المهالك ؟ بل الحقيقة أن هذه الوسائل كلها لم تكن مجدية في واقع الحال في أي زمان ومكان.[25]
وغيرها كثير من الإعجازات العلمية التي يعجز العقل عن إدراكها لأنها مخصصة للجيل القادم من البشرية فلا ندركها نحن ولا أبنائنا، فهو كتاب علم وتربية وأخلاق وإعجاز لغوي وعلمي وسبق في كافة الميادين على الرغم من كثرة الخصوم فهو يحجك بحجته ويدمغك بتاثيره كأنما يسوقك لما يريد لا ما تريد.
[عدل]نقد
في الوجه الآخر، يقف بعض علماء التفسير في دور محايد لا يستطيعون الجزم بشرعية علوم الإعجاز أم إنكار شرعيتها[3] بينما يرفض آخرون تقبل هذا النوع من العلوم رفضا قاطعاً ويرون بأن الكثير من أساليب البحث في الإعجاز العلمي في القرآن ليس سوى نوعاً من الترويج الديني والذي يندرج ضمن إطار العلوم الزائفة. من أبرز العلماء العرب الذين وقفوا ضد فكرة الإعجاز العلمي كان شيخ الأزهر محمود شلتوت، الدكتورة عائشة عبد الرحمن، والدكتور خالد منتصر. العديد من العلماء العرب والمسلمين إبان الحضارة الإسلامية والذين لقب بعضهم بالزنادقة وكُفّر البعض الآخر [4] - رفضوا فكرة الربط بين العلوم المجردة وبين ما قد يوجد في النصوص القرآنية.
من الأمثلة التي يعجز باحثو الإعجاز العلمي عن الرد عنها ويحرمون البت فيها أحياناً: قصة الخلق والستة أيام والعرش والماء. علمياً لا تتفق الآيات القرآنية التي تحدثت عن هذه القصة بتاتاً مع النظريات العلمية الحديثة والتي حاول فقهاء الإعجاز الاستدلال بسبق القرآن لها. الجدير بالذكر أن هذه القصة ذكرت أيضا في كتب ديانات سابقة. على سبيل المثال يقول القرآن في سورة الأعراف:
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾«7:54»
يتحدث القرآن (والكتب السماوية) عن الفترة التي مرت بها عملية الخلق مقدّرة بالأيام. إذا ما حاول المفسرون نسبتها إلى اليوم الأرضي فمن المعلوم أن الأرض لم تكن قد خلقت بعد لتكون مقياسا زمنيا. وإذا حاول المفسرون اعتماد نظم القياس الحديثة والتي تم بواسطتها تقييم عمر الكون فسيلاحظون أيضا اختلاف كبير حيث أن الكون استغرق أكثر من 13 مليار سنة للوصول لليوم الحالي. الماء والعرش أيضاً كما هو مستشف من الآية القرآنية كانا متواجدين قبل الخلق وهذا يناقض تماما التفسير العلمي لوجود الماء كمركب كيميائي نشأ بعد ملايين السنوات من بداية الانفجار.
ليس هذا فحسب بل إن التناقض الآخر يكمن فيما تنص عليه آيات أخرى بأن الأرض خلقت قبل السماء بعكس النظريات العلمية التي تؤكد أن الأرض جاءت بعد خلق الكون بحوالى 4 مليار سنة. يقول القرآن في سورة فصلت:
﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ‹9›وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ‹10›ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ‹11›فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ‹12› فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ‹13›﴾«41:9—13»
بالطبع فإن الآيات الأخيرة أثارت تساءولات البعض عن تناقض العدد المحسوب إن كان 6 أيام أم 8 فذهب أغلب المفسرين إلى أنها ستة أيام أضمن منها يومان في أربعة أيام عند حساب الآيات الأخيرة.
من جهة أخرى، يلاحظ أن غالبية مواضيع الإعجاز العلمي هي محاولات للربط بين المكتشفات الحديثة وبين ما قد يتشابه مع آيات قرآنية لدرجة إعادة تفسير آيات بشكل مختلف جذرياً عمّ كانت عليه في تفسير الكتب السابقة كتفسير ابن كثير وغيرها.
يتفق البعض الآخر من علماء الدين بأن السبب وراء بروز هذا المجال من التفسير يرجع إلى اكتشاف العالم الإسلامي الهوة الساحقة بينه وبين الغرب في مجال العلوم خصوصا، فتمت العودة إلى القرآن كوسيلة لاستعادة الثقة بالذات والتعويض عن التأخر العلمي لدى المسلمين.[5]
[عدل]وهم الإعجاز العلمي
في كتابه "وهم الإعجاز العلمي" للدكتور خالد منتصر، يقول في مقدمته بعنوان: الإعجاز العلمي في القرآن وهم صنعته عقدة النقص عند المسلمين[2]
يقول د. خالد منتصر في كتابه وهم الإعجاز العلمي:
القرآن كتاب دين وهداية وليس كتاب كيمياء أو فيزياء، وإنكار الإعجاز العلمي في القرآن ليس كفراً ولا هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، فالقرآن ليس مطلوب منه ولا ينبغي له أن يكون مرجعاً في الطب أو رسالة دكتوراه في الجيولوجيا، والآن نستطيع أن نقول وبكل راحة ضمير وانطلاقاً من خوفنا سواء على الدين أو على العلم أن الإعجاز العلمي في القرآن أو الأحاديث النبوية وهم وأكذوبة كبرى يسترزق منها البعض ويجعلون منها "بيزنس"، وأن عدم وجود إعجاز علمي لا ينتقص من قدر القرآن ككتاب مقدس وعظيم ومعجز أيضا ولكنه إعجاز الأفكار العظيمة التي تحدث عنها، والقيم الجليلة التي بشر بها، والثورة التي صنعها والتي كانت شرارتها الأولى العقل واحترامه وتبجيله، ومن يروجون للإعجاز لا يحترمون هذا العقل، بل يتعاملون معنا كبلهاء ومتخلفين ما علينا إلا أن نفتح أفواهنا مندهشين ومسبحين بمعجزاتهم بعد كلامهم الملفوف الغامض الذي يعجب معظم المسلمين بسبب الدونية التي يحسون بها وعقدة النقص التي تتملكهم والفجوة التي ما زالت تتسع بيننا وبين الغرب فلم نعد نملك من متاع الحياة إلا أن نغيظهم بأننا الأجدع والأفضل وأن كل ما ينعمون به وما يعيشون فيه من علوم وتكنولوجيا تحدث عنها قرآننا قبلهم بألف وأربعمائة ألف سنة،...
يعلل برويز أميرالي هودبوي،أستاذ الفيزياء في جامعة كاديدي عظم الباكستانية في إسلام أباد، بأن أحد أهم أسباب تراجع مساهمة العالم الإسلامي في الإنجازات العلمية تمثل في تركيز علماء المسلمين على البحث في الدين والعبادة والصلاة والشريعة والابتعاد عن البحث في العلوم الحديثة.[6] يقول البروفسور في كتابه "الإسلام والعلوم: أورثودكسية دينية ومعركة عقلانية" بأنه ينبغي على المسلمين تفهم الحقيقة القائلة بأن القرآن الكريم هو منهج ديني وليس منهجاً علمياً، وبين كيف أن الدولة والقائمين عليها قد يشاركون في الترويج حسن النية لما قد يدعى بالإعجاز العلمي في القرآن مشوهين بذلك عظمته.